ألمانيا ودول أوروبية تعلّق البتّ في طلبات اللجوء للسوريين
٩ ديسمبر ٢٠٢٤أعلنت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر اليوم الاثنين (9 ديسمبر/ كانون الأول 2024) أن برلين علّقت البتّ في طلبات لجوء السوريين في ظل "عدم وضوح الوضع" في بلادهم بعد سقوط بشار الأسد.
وكان المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين قد أعلن تعليق جميع القرارات المتعلقة بطلبات اللجوء القادمة من سوريا بشكل مؤقت بسبب الوضع غير الواضح هناك.
وتستقبل ألمانيا ما يناهز مليون سوري، وهو العدد الأكبر من السوريين في إحدى دول الاتحاد الأوروبي. ووصل معظمهم خلال العامين 2015 و2016 في عهد المستشارة السابقة أنغيلا ميركل.
وقالت فيزر إن "نهاية الاستبداد الوحشي للديكتاتور السوري الأسد هي مصدر راحة لكثيرين ممن عانوا التعذيب، القتل والإرهاب". وأضافت في بيان "العديد من اللاجئين الذين وجدوا الحماية في ألمانيا، يحدوهم الأمل في العودة إلى وطنهم الأم سوريا وإعادة بناء بلادهم"، لكنها حذرت من أن الوضع ما زال "غير واضح". وتابعت "لذلك، لا يمكن في الوقت الراهن التنبؤ بالإمكانات الملموسة للعودة، سيكون من غير المهني التكهن بشأنها في وضع مضطرب كهذا".
وأوضحت وزيرة الداخلية أنه "نظرا لعدم وضوح الوضع... فرض المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين اليوم تجميدا للقرارات بشأن إجراءات اللجوء التي ما زالت قيد الدرس، الى أن تصبح الأمور أكثر وضوحا".
حوالي مليون سوري في ألمانيا
وبحسب وزارة الداخلية، يقيم في ألمانيا نحو مليون شخص يحملون الجنسية السورية. وجاء أغلبهم كلاجئين بعد قرار المستشارة السابقة أنغيلا ميركل في عام 2015 السماح لأكثر من مليون طالب لجوء بدخول ألمانيا.
ومن بينهم، تم البتّ بأن 5090 شخصا مؤهلون للحصول على لجوء، ومنح 321444 شخصا منهم وضع لاجئ، ووضع 329242 شخصا تحت الحماية الفرعية التي تقيهم الترحيل في حال كانت عودتهم الى بلادهم محفوفة بالمخاطر. ولا تزال ملفات عشرات الآلاف قيد الدرس.
وشكل السوريون أكبر مجموعة من طالبي اللجوء في ألمانيا هذا العام، حيث تم تقديم 72420 طلب لجوء بحلول نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني، وفقا لبيانات المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين. ولم يتم البت في نحو 47270 طلب لجوء من السوريين.
جدل سياسي
ويأتي قرار السلطات الألمانية، قبل الانتخابات المبكرة المقررة في فبراير/ شباط. وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة إنفراتست يوم الجمعة أن الأحزاب اليمينية المتطرفة والمحافظة تتصدر استطلاعات الرأي، ويرى الألمان أن الهجرة هي ثاني أكبر مشكلة تواجه بلادهم.
ووصف ماركوس زودر زعيم المحافظين في بافاريا اليوم الاثنين قرار المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين تعليق طلبات اللجوء للسوريين بأنه "القرار الصحيح". وقال في مؤتمر صحفي "ليس هذا فحسب بل يتعين علينا أن نفكر في كيفية إعادة عدد أكبر من الناس إلى وطنهم السوري".
ومن جهتها، حذرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك من استخلاص استنتاجات متسرعة بشأن وضع السياسة الأمنية في سوريا بعد سقوط حكم الأسد وقالت اليوم الاثنين: "لا يمكن لأحد اليوم، ولا حتى في الأيام المقبلة، التنبؤ بما سيحدث في سوريا أو بما يعنيه ذلك على صعيد السياسة الأمنية".
ورأت بيربوك أن "من يحاول لأغراض حزبية استغلال هذا الوضع الآن في سوريا التي يعتبر مستقبلها غير واضح تماما، فإنه فقد كل صلة بالواقع في الشرق الأوسط".
وكان ثار نقاش في وقت سابق حول إمكانية عودة السوريين اللاجئين في ألمانيا إلى بلادهم. وفي هذا السياق أيضا، قال وزير المالية الألماني يورغ كوكيز اليوم الاثنين إن من السابق لأوانه جدا التكهن بشأن ما يحدث في سوريا. وأضاف في تصريحات أدلى بها في بروكسل "علينا أن نراقب الوضع وسنتخذ قرارات عندما نعلم على وجه الدقة كيف تكشف الأمر".
النمسا تعلق طلبات لجوء السوريين وتستعد لعملية "ترحيلهم"
هذا، فيما قالت النمسا الاثنين إنها علّقت كل طلبات اللجوء التي تخص السوريين وأنها تستعد لترحيل اللاجئين إلى سوريا بعد سيطرة مقاتلي المعارضة على دمشق وإسقاط بشار الأسد.
ويعيش حوالى 100 ألف سوري في النمسا، في ما يشكّل إحدى أكبر مجموعات اللاجئين في أوروبا، وينتظر الآلاف الموافقة على طلبات اللجوء التي قدّموها.
وأعلنت وزارة الداخلية في بيان أن المستشار المحافظ كارل نيهامر أصدر تعليماته الاثنين للوزارة "بتعليق كل طلبات اللجوء السورية المفتوحة ومراجعة" كل الحالات التي منحت حق اللجوء. وتابعت "بدءا من الآن ستتوقف إجراءات (اللجوء) المفتوحةللمواطنين السوريين"، فيما أضاف وزير الداخلية غيرهارد كارنر أنه "أصدر تعليمات للوزارة بإعداد برنامج ترحيل منظم إلى سوريا". وأضاف البيان أنه سيتم أيضا تعليق طلبات لم شمل الأسرة الذي يسمح للسوريين في النمسا بإحضار أقاربهم إلى البلاد.
وأشارت الوزارة إلى أن "الوضع السياسي في سوريا تغير جذريا، مع تسارع مفاجئ للأحداث في الأيام الأخيرة"، مضيفة أنها "تتابع الوضع الجديد حاليا". وأفادت بأن حوالى 7300 سوري تقدّموا بطلبات لجوء "سيتأثرون" بالقرار الجديد. ومنذ العام 2015، منح حوالى 87 ألف سوري حق اللجوء.
"اليونان تعلق استقبال طلبات لجوء السوريين"
ونقلت رويترز عن مصدر كبير بالحكومة اليونانية اليوم الاثنين أن أثينا علقت طلبات اللجوء المقدمة من نحو تسعة آلاف سوري عقب الإطاحة ببشار الأسد.
بريطانيا علقت البت في طلبات اللجوء المقدمة من السوريين
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء اليوم الاثنين نقلا عن متحدث باسم الحكومة أن بريطانيا أوقفت البت في طلبات اللجوء السورية لحين تقييم الوضع الحالي بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
الدنمارك والنرويج والسويد تعلق طلبات السوريين
وأعلنت الدنمارك والنرويج والسويد الاثنين تعليق درس طلبات اللجوء للسوريين، غداة سقوط نظام بشار الأسد.
وجاء في بيان أن اللجنة الدنماركية لدرس طلبات اللاجئين "قررت تعليق النظر في الملفات المتعلقة بالقادمين من سوريا بسبب الوضع غير المستقر في البلاد بعد سقوط نظام الأسد". وقالت إن القرار يشمل حاليا 69 حالة.
وأضافت أنها "قررت أيضا تأجيل الموعد النهائي لمغادرة الأشخاص الذين سيرحلون إلى سوريا" ويشمل 50 فردا.
وبدورها، قررت النرويج أيضا تعليق النظر في ملفات اللاجئين السوريين بانتظار استقرار الأوضاع. وكتبت إدارة الهجرة النرويجية في بيان "لا يزال الوضع في البلاد غير واضح ولم يحسم بعد".
ويعني تعليق درس الملفات أن إدارة الهجرة "لن ترفض أو توافق على طلبات اللجوء المقدمة من سوريين طلبوا اللجوء في النروج حاليا" على ما ذكرت المنظمة بدون كشف عدد الملفات المعنية. وتلقت النرويج 1933 طلب لجوء من سوريين منذ بداية العام.
من جهتها أعلنت السلطات السويدية الاثنين أنها ستعلق درس طلبات اللجوء المقدمة من لاجئين سوريين وترحيلهم غداة سقوط نظام الأسد في سوريا. وقال كارل بيكسيليوس المسؤول عن الشؤون القانونية في وكالة الهجرة الوطنية السويدية في بيان "نظرا إلى الوضع من غير الممكن تقييم دوافع الحماية حاليا".
وأضاف المسؤول السويدي "في سوريا الوضع هش والأحداث الأخيرة تثير العديد من القضايا القانونية التي تستلزم دراسة معمقة..".
ودعا زعيم الديمقراطيين في السويد (يمين متطرف) جيمي أكيسون الذي يدعم حزبه الائتلاف الحكومي، إلى رحيل اللاجئين السوريين.
وسيتخذ القرار الرسمي في هذا الخصوص الثلاثاء.
الأمم المتحدة تدعو الى "الصبر واليقظة"
وبدورها دعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة الاثنين إلى إظهار "الصبر واليقظة" في شأن قضية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعد إسقاط بشار الاسد.
وقال المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في بيان إن "المفوضية تنصح بإبقاء التركيز على قضية العودة" وتأمل أن تسمح التطورات على الارض بـ"عمليات عودة طوعية وآمنة ودائمة، مع لاجئين قادرين على اتخاذ قرارات واضحة".
ص.ش/ع.ج.م (أ ف ب، د ب أ، رويترز)