صالح يُعالَج في السعودية وشباب ثورة التغيير يطوون صفحته
٥ يونيو ٢٠١١في الوقت الذي تشير جميع التطورات في اليمن إلى أن حكم الرئيس علي عبد الله صالح، الذي تجاوز الثلاثة عقود، أوشك على النهاية، يقول مسؤولو الحزب الحاكم إن صالح، الذي سافر إلى السعودية للعلاج بعد إصابته في هجوم صاروخي، سيعود لليمن خلال أسبوعين. ووسط تضارب الأنباء باتت الأوضاع في اليمن رهينة غموض كبير، بدأت بمدى خطورة إصابة الرئيس صالح، ولم تنته بعد فيما إذا كان سيعود فعلاً إلى اليمن مرة أخرى.
لكن هذا الغموض لم يمنع الشباب، الذي يقود منذ أشهر ثورة سلمية واسعة، من الاحتفال بـ"هروب" الرئيس صالح وبما يعتبرونه "سقوطا للنظام"، على غرار النموذج التونسي من حيث الوجهة على الأقل، أي السعودية. وفي حديث لدويتشه فيله يقول عضو اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية في اليمن، الدكتور محمد الظاهري إن "الشباب يرون أن المرحلة الأولى من أهداف ثورتهم، والمتمثلة بإسقاط الرئيس علي صالح وعائلته، قد تحققت". ولذلك فقد أعلنت اللجنة بياناً تدعوا فيه الشباب إلى الانتقال إلى المستوى العملي لمرحلة ما بعد صالح والمتمثلة في "تشكيل مجلس رئاسي مؤقت يضم كافة القوى الوطنية ويتولى تشكيل حكومة الكفاءات لإدارة المرحلة الانتقالية، إضافة إلى تأليف مجلس وطني انتقالي يمثل كافة القوى الوطنية بما فيهم الشباب، يتولى صياغة نظام سياسي ودستور جديدين".
شرعية دستورية أم شرعية ثورية؟
لكن الظاهري، بوصفة أستاذاً للعلوم السياسية في جامعة صنعاء، يرى أن ما يحدث في اليمن يجري على مستويين مختلفين، "أولههما من منظور ثوري رافض للشرعية الدستورية، ويحل محلها شرعية ثورية. ويستمد هذا التيار تأييده من واقع أن 17 محافظة يمنية تشارك في الثورة وترفض بقاء صالح على رأس السلطة". أما المستوى الثاني فيتمثل بالمطالبين بتغيير النظام تدريجياً من خلال عملية إصلاحية في إطار الدستور القائم. غير أن الظاهري ينتقد مثل هذه التوجهات، التي اعتمدت عليها المبادرة الخليجية نفسها وأيدتها المعارضة المتمثلة بأحزاب اللقاء المشترك، قائلاً: "لا توجد لدينا في اليمن شرعية دستورية، لأن الدستور معطل والحاكم يأخذ منه ما يعزز بقاءه ولا يوفر لمواطنيه نيل حقوقهم بالحرية".
ويرى عضو اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية في اليمن أن أحزاب اللقاء المشترك، إذا كانت تريد تحقيق أهدافها بـ"عدم عودة الرئيس صالح"، فما عليها إلا "اقتناص الفرصة للانتقال من الحالة الإصلاحية إلى الحالة الثورية والمطالبة بتغيير النظام ابتداءً، للوصول إلى مطالب الجماهير اليمنية".
سلمية الثورة: هل تصبح ضحية التغيير؟
وحتى مع رحيل الرئيس صالح إلى السعودية للعلاج ونقل صلاحياته إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، إلا أن أفراد عائلة صالح، الذين يشغلون أعلى المناصب الأمنية والعسكرية في الدولة اليمنية، لا يزالون في مناصبهم، ما يطرح تساؤلات عن دور هؤلاء في أي تغيير قادم. وفي هذا السياق يشير الظاهري إلى "أن الخيار الوحيد المتاح أمام الشباب هو مواصلة المسيرات والاعتصامات السلمية". ويضيف بالقول: "إن بقاء أقرباء الرئيس صالح في مناصبهم ينبئ بأن كلفة التغيير والانتقال إلى المرحلة القادمة وانتصار الثورة ستكون مرتفعة، فالنظام وزع الكثير من الأسلحة على مناصريه من المدنيين ولديه بعض وحدات الحرس الجمهوري والحرس الخاص". وبحسب الناشط في ميدان التغيير في اليمن فإن "النظام في رمقه الأخير ويمكن أن يلجأ إلى استخدام العنف والقوة".
وفي مجتمع قبلي يتسلح أغلب أفراده يصبح من الصعب المحافظة على السلمية، التي رافقت الثورة في أغلب محطاتها، حتى مع استخدام صالح للقوة المفرطة. وهذه السلمية مازالت تحول دون انزلاق البلاد إلى أتون حرب أهلية. وفي هذا الإطار يقول الظاهري: "إن أربعة شهور من التظاهر السلمي رسخت بعض الشيء من قيم المعارضة السلمية في ساحات التغيير، وحتى أبناء القبائل الذين انضموا إلى هذه الساحات أتوا تاركين أسلحتهم في قراهم ونادوا بالسلمية". غير أن الظاهري يستدرك بالقول: "لكنني اعترف أن الثقافة السلمية لم تترسخ بعد في مجمل المجتمع اليمني، إذ حاول النظام دائماً أن يجره باتجاه العنف". وهنا تبقى الأيام القليلة القادمة وحدها كفيلة بإظهار مقدار التغيير الحاصل في اليمن وطبيعته ومدى تأثيره على مستقبل البلاد.
عماد غانم
مراجعة: أحمد حسو