القبة الحديدية: حصن إسرائيل الدفاعي
٢١ نوفمبر ٢٠١٢"أربع دقائق قبة حديدية"، هو عنوان لتقرير تلفزيوني بثته القناة التلفزيونية الإسرائيلية "الثانية"، مساء الاثنين (19 تشرين الثاني / نوفمبر) دون أن يرافق التقرير أي تعليق. وظهر فيه سكان من المدينة الساحلية الإسرائيلية اسدود، وهم يجلسون بين كثبان رملية ومسارات صخرية، وأبصارهم شاخصة إلى السماء، وموجهين كاميرات هواتفهم القنالة إلى السماء. ثم يظهر رجل يرتدي نظارات شمسية يصرخ أمام الكاميرا: "هذا فريد من نوعه حقا. أحضر أطفالي هنا، كي يتمكنوا من رؤية مدى فعالية وقوة هذا النظام". قبل ذلك بدقائق، انطلقت صفارات الإنذار: صاروخ أطلق من غزة باتجاه المدينة، ولكن قبل أن يتمكن من إحداث أي ضرر، نجحت النقطة الدفاعية المتمركزة في اسدود، والتي هي جزء من النظام الذي يطلق عليه تسمية "القبة الحديدية"، في تدمير الصاروخ في الهواء، دون أي يسمع أحد أي صوت.
بات معظم الإسرائيليين يهتمون بنظام القبة الحديدية، بل وبدأ حماسهم يزداد، يوما بعد يوم، منذ بدء الاشتباكات العنيفة بين حركة حماس في قطاع غزة وإسرائيل. ويشيدون على المواقع الالكترونية بفعالية النظام، ويرون أن أهم انجاز لهذا النظام هو بقاء عدد القتلى والجرحى في إسرائيل منخفضا حتى الآن.
يتميز النظام بقدرته على الكشف عن الصواريخ التي تستهدف المناطق السكنية ثم يقوم باعتراضها. خمس محطات دفاعية تعمل الآن ضمن هذا النظام، أربع منها في الجنوب، والخامسة بدأت بالعمل في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر، في إحدى ضواحي مدينة تل أبيب؛ وهذه المحطة جذبت الاهتمام بدورها.
نسبة النجاح: 90 في المائة
ثلاث شركات إسرائيلية هي المسؤولة عن تطوير هذا الجهاز الدفاعي. الجزء الرئيسي تتحمله شركة رافائيل لأنظمة الدفاع، والتي بدأت، وفقا لبيانات رسمية، في عام 2007 في تطوير النظام. وكان أول اختبار لـ"القبة الحديدية" في أبريل/ نيسان 2011. وفي مطلع هذا العام، عندما هاجمت حماس جنوب إسرائيل لمدة أسبوع، بدأت ثلاث محطات أخرى العمل. وتتألف كل محطة من ثلاث قاذفات ورادار وبرنامج تحكم. ويعمل النظام وفق التالي: بمجرد إطلاق الصاروخ، يتعرف الرادار على نوعية المقذوف، وإذا ما كان يستهدف منطقة مأهولة بالسكان، وينقل هذه المعلومات إلى وحدة تحضيرية، بعدها يتم بسرعة تجهيز صاروخ اعتراضي. وكما يُشاهد دائما في لقطات الفيديو التي يبثها الجيش الإسرائيلي، يجري تدمير الصواريخ المعادية في الهواء.
وتتميز القبة الحديدية بسهولة نقلها وفكها وتركيبها خلال وقت قصير. إنها ميزة استراتيجية. معدل نجاحها بلغ حوالي 90 في المائة، كما يقول متحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية. كما أنها جاهزة للعمل في كل الظروف، سواء عند نزول المطر أو في حالة الضباب. ويبلغ مدى الصواريخ التي تطلقها من 4 إلى 70 كيلومترا.
دعم الولايات المتحدة
وكان عمير بيريتس، وزير الدفاع الإسرائيلي بين مايو/ أيار 2006 ويونيو/ حزيران 2007، قد لعب دورا رئيسيا في بناء هذا النظام. بيريتس ذو الستين عاما، وعضو البرلمان الحالي عن حزب العمل، يعيش في سديروت، وهي مدينة تقع على مقربة من قطاع غزة وتعتبر هدفا دائما لهجمات الصواريخ. آنذاك وقف بيريتس ضد مقاومة بعض الخبراء العسكريين لمشروع "القبة الحديدية". ففي الوقت الذي كان فيه وزيرا كانت الحجة المضادة هي ارتفاع التكاليف. ونجاح إسرائيل اليوم بأن يصبح لديها خمسة من هذه الأنظمة الدفاعية، يعود الفضل فيه، إلى حد كبير، للولايات المتحدة، التي دعمت المشروع بسخاء.
ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية فإن تكلفة المحطة الواحدة تبلغ حوالي 39 مليون يورو، بالإضافة إلى تكاليف الصواريخ التي يتم إطلاقها. وبالمجمل يقدر ما أنفقته إسرائيل على النظام حتى الآن بنحو 780 مليون يورو.
والجيش الإسرائيلي مقتنع تماما بنجاح هذا النظام. ولكن حتى يتم تأمين حماية لكل أنحاء البلاد، هناك حاجة لـ 13 محطة على الأقل. ووفقا لما أعلنه وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك، هذا الأسبوع، ينتظر أن يتم تركيب هذه المحطات - تبعا للسيولة المالية - خلال ثلاث سنوات من الآن.