خبراء ألمان وسوريون يناقشون جدوى معالجة مياه الصرف
٧ ديسمبر ٢٠١٠شكلت الأنظمة المستدامة لمياه الشرب والصرف الصحي أحد أبرز محاور فعاليات الأسبوع السوري الألماني الخامس للبيئة الذي انعقد في دمشق بحضور ما يزيد على 500 من الخبراء والأكاديميين ومملثي الشركات والمؤسسات الألمانية والسورية. وفي إطار الجلسات وورشات العمل التي تم تخصيصها لهذه الأنظمة ناقش المشاركون سبل الحد من هدر المياه العذبة وتنقية مياه الصرف الصحي بغية إعادة استخدامها في الزراعة وأغراض أخرى في بلد مقبل على نقص كبير في المياه كمعظم بلدان الشرق الأوسط الأخرى.
وفي هذا الإطار نوقشت عدة مشاريع أثارت الكثير من الجدل مثل مشروع تحويل منطقة زراعية في حي المزرعة الدمشقي إلى حديقة عامة. كما نوقشت عدة أنظمة صرف صحي مركزية وغير مركزية تم اعتمادها بناء على خيرات ألمانية. وهنا تم التركيز على عرض هذه الخبرات في مجال تصميم وتشعيل محطات معالجة مياه الصرف بالنباتات وإمكانيات نقل هذه الخبرات إلى سوريا بغية المساهمة في حل النقص الكبير في شبكات الصرف الصحي على مستوى سوريا وخاصة في المناطق الريفية وأطراف المدن.
البروفسور اوي تروكر، الأستاذ في جامعة برلين التقنية/ TU Berlin عارض فكرة تحويل المنطقة الزراعية في حي المزرعة إلى حديقة عامة لأن ذلك لن يقلل من استخدام المياه التي تُستهلك حاليا لأنتاج الخضار والفواكه. ورأى تروكر بأن "العكس سيحصل بناء على تجارب عدة دول، أي أن استخدام المياه سيزيد، إضافة إلى خسارة العائد الزراعي". وعليه فإن تحويل المنطقة إلى حديقة برأي الخبير الألماني "ليس مجديا حتى على صعيد البيئة، كما أنه سيؤثر بشكل سلبي على مصادر المياه في مدينة دمشق ومحيطها لأن الحدائق تحتاج إلى مياه أكثر من المساحات المزروعة بأشجار الفواكه والنباتات" وبالنالي يرى تروكر بأنه من الأفضل زراعة منطقة المزرعة بمزروعات على أساس استخدام أنظمة ري حديثة لحل مشاكل نقص المياه في منطقة لا يتجاوز فيها معدل الهطول المطري 180 ملم في السنة.
معالجة مياه الصرف الصناعي أحد ابرز التحديات
على صعيد أنظمة الصرف الصحي رأي المشاركون بأن معالجة "مياه الصرف الصناعي والحمأة الناجمة عن الصناعات" هي من المهمات الأساسية على طريق حل الحد من نقص المياه وتوفيرها(الحمأه هي مخلفات سائلة أو صلبة تنجم عن الصناعات). البروفسور بارتر هارتفيك، الخبير لدى شركة "أكوا كونسلت" عرض في هذا الإطار خبرات شركته في مجال معالجة الحمأة الناتجة عن الصرف الصناعي والاستفادة منها في توليد الكهرباء أو لأغراض اخرى كالزراعة أو استخدامها في الحمامات؛ "نقوم في شركتنا بتكثيف كميات الحماة وبعد استقرارها ننزح الماء منها حتى نتمكن من تجفيفها تمهيداً لإعادة استخدامها" على حد تعبير بارتر، الذي يرى إن عملية معالجة الحمأة تحتاج لمراحل إضافية من خلال معالجتها لإنتاج غاز حيوي. ويوافق بارتر على إن هذه العملية مكلفة اقتصادياً لبلد مثل سوريا لكنها مع الأيام ستثبت جدارتها ومدى قدرتها على توليد الكهرباء والتخلص من الملوثات التي تؤثر على المياه النقية والتربة.
تقنيات ألمانية ناجحة في محطة معالجة الصرف الصناعي الكويتية
وفيما يتعلق بالنجاح في معالجة مياه الصرف الصناعي والحمأة الناتجة عنها يرى البروفسور نوبيرت موللر بلانكي، خبير لدى شركة TIA الألمانية، إن مشروع محطة الصرف الصناعي في الكويت التي تعتمد على خبرات بشرية وتكنولوجية ألمانية يشكل مثالا لمعالجة مياه الصرف الصناعي والاستفادة منها لأغراض أخرى لا تؤذي البيئة. "تعبىء مياه الصرف الصناعي في الكويت بصهاريج وتنقل إلى الصحراء الكويتية حيث يتم تنقيتها بواسطة المحطة التم تم إنشائها على مساحة ربع مليون متر مربع هناك"، كما يقول بلانكي ويضيف: "المحطة تحتوي على أربعة مداخل لمياه الصرف الصناعي، حيث إن المدخل الأول مخصص للمياه الخالية من الزيوت، والمدخل الثاني مخصص للمياه التي تحتوي على معادن ثقيلة وهكذا لكل نوع من مياه الصرف مدخل خاص به". وعليه فإن لكل نوع خط معالجة معالجة مختلف عن الآخر، إضافة إلى أنه تتم معالجة المياه بشكل بيولوجي" على أن يتم الاستفادة من المياه المعالجة مجددا. أما الحمأة الناجمة عن المعالجة الأولية فتحتوي على طاقة هائلة يمكن الاستفادة منها في توليد الكهرباء، غير أن أصحاب القرار في الكويت الغنية بالنفط قرروا حرقها في محرقة خاصة بدلا من الاعتماد عليها في توليد الكهرباء.
معالجة مياه الصرف الصحي بالنباتات
وفيما يتعلق بالحلول التي تحتاجها سوريا لمعالجة مياه الصرف الصحي والصناعي فيها اختلفت الآراء حول جدوى الطرق المستخدمة والمطروحة للمستقبل. الدكتور هولكر بابش الخبير لدى شركة ipp consult يرى بأن بناء محطات المعالجة بالنباتات في بلد مثل سوريا أفضل من الطرق الأخرى المكلفة اقتصادياً. "إضافة إلى فوائد النباتات على صعيد طرح الأوكسجين، فإن المحطات التي تعتمد عليها تحتاج إلى تقنيات بسيطة وتكاليف محدودة"، كما يقول بابش. ومن الأمثلة على ذلك حسب الخبير الألماني محطة معالجة منطقة "جديدة يابوس" التي تم بنائها بالتعاون مع شركة ipp، ومن ميزات محطات المعالجة بالنباتات على مستوى كل مناطقة على حدة انتفاء الحاجة لأنظمة الصرف الصحي المركزية العالية الكلفة في كل المناطق: "نظام المعالجة بالنباتات مجد في القرى والتجمعات السكانية المتوسطة في الأرياف حيث المسافات المتباعدة بينها، بينما المشكلة في المدن تحتاج إلى طرق أخرى"، كما يقول بابش الذي يرى بضرورة تصميم محطات معالجة بالنباتات وفقاً لمعايير تأخذ بعين الأعتبار عدد السكان.
شارك في فعاليات الأسبوع الخامس السوري الألماني الخامس للبيئة الذي تنظمه جامعة دمشق بالتعاون مع جامعة روستوك الألمانية تحت عنوان "أنظمة الطاقة والبيئة المستدامة "نحو 61 باحثا المانيا من اربع جامعات وممثلون عن شركات ومكاتب استشارية متخصصة في المجالات المختلفة المتعلقة بالبيئة إضافة إلى مشاركة نحو 450 متخصصا من الجامعات السورية والوزارات المعنية والهيئات ومراكز البحوث المتخصصة.
وشملت فعاليات الاسبوع الذي انعقد في دمشق من 28 نوفمبر/ تشرين الثاني ولغاية 2 ديسمبر/ كانون الأول 2010 تبادل الخبرات بين الجانبين السوري والالماني من خلال طرح ومناقشة 45 ورقة عمل حول الأنظمة المستدامة لمياه الشرب ومياه الصرف الصحي وتوفير الطاقة والطاقات الجديدة والمتجددة إضافة إلى الأنظمة المستدامة لإدارة النفايات الصلبة وتدويرها على حد تعبير الدكتور عبد الله نصور، رئيس الوفد الألماني إلى سوريا، في حديث خص به دويتشه فيله.
عفراء محمد- دمشق
مراجعة: عبده جميل المخلافي