شمال السودان وجنوبه "يبدآن خطوات عملية نحو الانفصال"
١٠ فبراير ٢٠١١اعتبرت الحكومة السودانية موافقتها على تقسيم البلاد وانفصال الجنوب عن الشمال بمثابة "تضحية من أجل الاستقرار والسلام". وقال وزير الخارجية السوداني علي أحمد كرتي، في كلمة، ألقاها نيابة عنه أمام مجلس الأمن سفير السودان لدى الأمم المتحدة: "لقد أوفينا بتعهدنا دون قيد أو شرط".
وأشاد أعضاء مجلس الأمن الدولي أمس الأربعاء بالاستفتاء على استقلال الجنوب ووصفوه بأنه كان "حراً ونزيهاً وذا مصداقية". وناشد وزير الخارجية السوداني دفع الله الحاج علي عثمان العالم بدعم السودان في مواصلة طريقه نحو المستقبل. وهنأ المجلس الأممي شمال السودان وجنوبه على نجاح الاستفتاء، لكنه شدد في الوقت ذاته على حجم المهمة التي يفترض القيام بها في الفترة الانتقالية حتى تموز/ يوليو.
ملفات حساسة
وبموجب بنود اتفاق عام 2005 بين الخرطوم والمتمردين الجنوبيين سابقاً فإن الانفصال الفعلي بين الشمال والجنوب سيكون في التاسع من تموز/ يوليو. وينبغي أن يتفق أبناء الشمال والجنوب من الآن وحتى ذلك التاريخ على ملفات حساسة بينها ترسيم الحدود وتقاسم عائدات النفط أو أيضاً وضع منطقة ابيي المتنازع عليها. وكان يفترض تنظيم استفتاء ثان في اليوم نفسه مع استفتاء الجنوب في جيب ابيي، لكن الشمال والجنوب لم ينجحا في تحديد فئات السكان التي ينبغي دعوتها إلى التصويت. وينبغي أن يتفق الطرفان أيضاً على وضع مئات آلاف الجنوبيين الذين يقيمون في الشمال والشماليين المقيمين في الجنوب.
وسمح استفتاء تقرير مصير جنوب السودان الذي جرى بهدوء واعترفت الخرطوم بنتيجته التي حقق فيها خيار لانفصال انتصاراً ساحقاً، بحصول الرئيس السوداني عمر البشير على إشادة دولية، إلا أن الأخير لا يزال يواجه تحدياً رئيسياً في إقليم دارفور المشتعل، حيث تلاحقه مذكرة توقيف دولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في هذا الإقليم.
التركيز على المستقبل
وأعربت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس عن "تهنئتها للطرفين"، لكنها قالت: "الآن وبعد أن تجاوزنا الاستفتاء، فإن إيجاد حلول لكل المشاكل التي لا تزال قائمة في أسرع وقت ممكن أمر حيوي". وتابعت رايس بالقول: "سنواصل العمل بشكل وثيق مع الشعب السوداني في الشمال والجنوب، لنتأكد من أن الاستفتاء لا يدل على نهاية عملية، وإنما بالأحرى على بداية مستقبل أفضل للأمتين".
أما سفير ألمانيا في الأمم المتحدة، بيتر فيتينغ، فشدد على أنه بات من الضروري "التركيز على المستقبل: ترسيخ السلام وإقامة علاقات جيدة وتعايش بين الشمال والجنوب والقدرة على بناء دولة جديدة بالكامل". وقال "ستحتاج كل الأطراف إلى مواصلة التعاون بحسن نية من اجل هذه المهمة الضخمة".
خطوات عملية نحو الانفصال
من ناحيته أشار هايلي منكريوس، رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان، إلى أن التصويت على استقلال جنوب السودان يمثل "فجراً جديداً" بالنسبة لأكبر بلد إفريقي من حيث المساحة، مشيراً إلى أنه سيكون لهذا الحدث انعكاس على كل إفريقيا، لكن "العمل بدا للتو"، مطالباً كل من الشمال والجنوب "أن يبذلا الآن جهوداً لبناء السلام (...). لا تزال هناك تحديات جدية".
وكشف منكريوس، لمجلس الأمن الدولي أن الجانبين وافقا حتى الآن على عدد من القضايا، التي تشمل تقاسم عائدات النفط، والعلاقات الاقتصادية الثنائية وترتيبات المواطنة وفتح الحدود وعدم التدخل في شئون أحدهما الآخر. أما بخصوص الخطوات قيد المناقشة، فهي تشمل الأمن وعدم الاعتداء والتعاون العسكري. وأكد منكريوس بالقول: "قدم لنا السودان مثالاً يظهر كيف يمكن أن تتغلب روح السلام على عقدين من الحرب".
( أ ف ب/ د ب أ)
مراجعة: عماد م. غانم