صحافيون وأئمة جزائريون وخبراء ألمان في خدمة سلامة البيئة
٦ أكتوبر ٢٠١٠تكثف مؤسسات ألمانية متخصصة تعاونها مع الهيئات الرسمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني في الجزائر، من أجل حماية البيئة وخصوصا في المناطق الجزائرية الواقع على سواحل البحر الأبيض المتوسط، حيث توجد بها كثافة سكانية، وتواجه تلك المناطق تحديات ومخاطر بيئية جمة.
وتحتضن الجزائر في غضون شهر نوفمبر /تشرين الثاني المقبل، معرض ومؤتمر البيئة الألماني الثاني، وسيشارك فيه خبراء و مؤسسات اقتصادية من ألمانيا، وعلى غرار معرض البيئة الألماني الأول الذي نظم بالجزائر عام 2008، وتم خلاله توقيع 73في المائة من المؤسسات الألمانية المشاركة فيه، على عقود مشاريع اقتصادية مع القطاعين الحكومي و الخاص الجزائريين، تسعى هيئات ألمانية وضمنها الوكالة الألمانية للتعاون التقني GTZلتوسيع تعاونها مع المؤسسات الألمانية.
بيد أن الصعوبات التي تواجهها بعض الشركات والمؤسسات الألمانية في تنفيذ مشاريعها بالجزائر، جعلها تبحث مع صناع القرار وهيئات الأعمال عن أنجع السبل لتذليل العقبات القانونية والإدارية، ويُراهن بشكل متزايد على الأدوار الموازية التي يمكن أن يلعبها المجتمع المدني ووسائل الإعلام في التوعية بأهمية برامج حماية البيئة.
أدوار موازية من أجل حماية البيئة
ويرى مسؤولون في وكالة التعاون التقني الألمانية أن الحفاظ على البيئة في الجزائر وعلى غرار تجارب في مناطق أخرى من العالم، بات يتطلب دورا محوريا لوسائل الإعلام وللهيئات المجتمع المدني ، ويتم في هذا الصدد تقديم دورات تدريبية للصحافيين في ألمانيا و الجزائر هدفها التعريف بالمخاطر التي تتعرض لها البيئة في بلدهم، بالإضافة إلى إعلامهم بالقوانين البيئية و كيفية التعامل معها إعلاميا.
و في تصريح خاص لدويتشه فيله قال محمد فكايري مستشار الدراسات البيئية في فرع الوكالة الألمانية للتعاون بالجزائر:"لقد تم تكوين مجموعة من الصحافيين الجزائريين، في كيفية تحضير ملف التعهد بحماية البيئة من قبل مستثمرين يريدون القيام بمشروع ما، كما تم إعلامهم بالتدابير القانونية الجزائرية، و إلى من تسلم ملفات دراسة المخاطر البيئية للمؤسسات قيد الإنشاء؟"
ومن بين المشاريع المثيرة التي قامت بها الوكالة الألمانية في الجزائر، فهو استضافة مجموعة من أئمة مساجد ولاية عنابة(650كلم شرق العاصمة الجزائرية)في ألمانيا، وتكوينهم حول أفضل الطرق البيداغوجية لمخاطبة المصلين حول مخاطر البيئة و أهمية المبادرة الفردية لحماية الطبيعة.ويضيف أحمد فكايري:"لقد أرشدنا الأئمة إلى المخاطر التي تتعرض البيئة في ولاية عنابة، مثل النفايات المنزلية، ونفايات المصانع، وما تفرزه عوادم وسائل النقل، ثم أرشدناهم إلى وسائل التوعية الحديثة، فأضافوها إلى أسلوبهم الخطابي المعروف، و توجهوا به للناس، و كانت النتائج طيبة للغاية".
القوانين وحدها لا تكفي
وبموازاة الأدوار التي أصبحت تضطلع بها هيئات المجتمع المدني ووسائل في مجال حماية البيئة، بادرت الحكومة والبرلمان لسن قوانين صارمة لحماية البيئة، و يأتي وصفها بالصرامة عند مقارنتها بالقوانين السابقة، و عن هذه المسألة يقول هلموت كريس مدير برامج البيئة في الوكالة الألمانية للتعاون في الجزائر: "إن ما تم إصداره من قوانين بالغ الأهمية، إلا أنه يحتاج إلى تطبيق و تنسيق ما بين مختلف مكونات الإدارة الجزائرية".
وعن دور مؤسسة "غونتزل فاسار"GünzelWasserالألمانية لتسيير المياه في شرق البلاد، يلاحظ هلموت كريس في حديث لدويتشه فيله وجود عقبات إدارية وقانونية وقال كريس:"أرجو أن تتفهم الحكومة الجزائرية، قلق المؤسسة الألمانية حيال المستقبل، فهي لا تعلم في أي إطار قانوني شرعي يمكنها أن تعمل، هل يجب عليها الدخول في شراكة مع مؤسسات جزائرية؟ أم أن عليها تأسيس شركة خاصة بها؟ لأن منحها الامتياز في الوقت الحالي إيجابي، لكن لابد من ضبط وضعيتها مستقبلا."
تكنولوجيا ألمانية في خدمة البيئة
ويشهد التعاون بين الجزائر وألمانيا في مجال حماية البيئة تناميا ملحوظا، وكان هيلموت كريس قد أعلن الأسبوع الماضي في لقاء عقده مع الصحافيين في مقرغرفة التجارة الصناعة الألمانية في الجزائر،أن"الوكالة التي تتواجد في الجزائر منذ عام 74من القرن الماضي، تريد زيادة شراكتها مع الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني".وأضاف هلموت كريس:"نعلم أن الحكومة الجزائرية، قد خصصت مبالغ هائلة لتحسين أداء المجتمع الجزائري ككل في ميدان البيئة، كما أننا نعلم أن وجود كثافة سكانية في مناطق الجزائر الواقعة على ساحل البحر المتوسط، وفي مناطق بعينها من هذا الساحل، إنما يشكل ضغطا بيئيا هائلا ينبغي التعامل معه"مضيفا أن "الخبرة الألمانية موجودة لتقديم المساعدة".
و اعتمادا على تمويلات متنوعة من الحكومتين الجزائرية والألمانية والإتحاد الأوروبي،للمشاريع التي تنفذها الوكالة الألمانية للتعاون في الجزائر، عبر مراحل، حيث يتم شراء المعدات الألمانية المتعلقة بتسيير أفضل للمياه واستخلاص الطاقة من مصادر الطبيعة المتجددة كالشمس والرياح، ثم إنجاز مشاريع تتعلق بالبيئة من قبل مؤسسات ألمانية، وبعد ذلك تكوين الكفاءات الجزائرية في ميدان حماية البيئة بشكل عام.
وتشمل حزمة التعاون، منح مؤسسة "غونتزل فاسار"الألمانية حق استخراج الماء و تعقيمه وتوزيعه في شرق البلاد ضمن شراكة دولية عامة، أقرتها الحكومة الجزائرية لتسيير الموارد المائية، فمنحت من خلاله الألمان الحق في تسيير هذه الخدمة شرقا، ومنحت نفس الامتياز للفرنسيين في وسط البلاد، أما الإسبان فقد منحوا منطقة الغرب.كما تتعاون الوكالة الألمانية مع الحكومة الجزائرية، لمرافقة القطاع الخاص ومؤسساته الصغيرة والمتوسطة، علميا وتكنولوجيا لتحسين الأداء البيئي الإيجابي للمؤسسات الصناعية بشكل عام.
ومن جهته يؤكد أندرياس هرغنهوتر المدير العام لغرفة التجارة والصناعة الألمانية في الجزائر أن:"تكنولوجيا حماية البيئة و المعرفة المتعلقة بها، قابلة للتصدير، وقد قمنا بتصديرالكثير منها إلى الجزائر، في مجال الطاقة الشمسية و طاقة الرياح وتنقية المياه، و فرز قاذورات المنازل، و كذا تكنولوجيا تطهير التربة و الهواء."
هيثم رباني/ الجزائر
مراجعة: منصف السليمي