Gaddafi ICC Haftbefehl
٢٧ يونيو ٢٠١١إن قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي منطقي للغاية، ويعتبر انتصاراً لحقوق الإنسان. وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو-أوكامبو قد طلب في منتصف شهر أيار/ مايو الماضي استصدار مذكرة الاعتقال. وقدم مورينو-أوكامبو أدلة على أن القذافي قد قام شخصياً بإصدار أوامر لقتل المدنيين العزل. وتوصل المدعي العام للمحكمة في تحقيقاته، إلى أن نظام معمر القذافي قد قام في مناطق عدة وبشكل منظم بإطلاق النار على المتظاهرين سلمياً.
ممارسات كثيرة قام بها النظام من اعتقالات وتعذيب وعمليات قتل للمعارضين، كانت ولسنوات طويلة من ضمن الوسائل التي استخدمها لتثبيت حكمه. وهناك تساؤل لم يتم إثباته حتى الآن، حول ما إذا كانت عمليات الاغتصاب الجماعية، من بين الوسائل الفظيعة التي يتهم بها نظام القذافي المستبد. وحول هذا الأمر لم تتمكن منظمات حقوق الإنسان من العثور على أدلة قاطعة. ومع ذلك فإن الاتهامات التي تم إثباتها ضد القذافي والدائرة الضيقة المقربة منه تستند إلى تقييم أكثر من 1200 وثيقة، وإلى أقوال أكثر من 50 من الشهود. وهذا ما يمكن أن يعتبر، وفق قواعد القانون الدولي المعمول بها، دليل إدانة لمن يسمي نفسه بقائد الثورة الليبية، إذا ما تم بالفعل في يوم ما البدء بمثل هذه الإجراءات.
إذ أن هذا القرار لا يمكن أن يسري سياسياً، إلا في حالة انتصار الثوار. فهناك مذكرة اعتقال مماثلة، كانت قد صدرت قبل حوالي ثلاث سنوات ضد الرئيس السوداني البشير، لكن لم تنفذ حتى الآن، حيث أنه مازال رغم ذلك على رأس السلطة في بلاده.
وعلى أي حال من الأحوال فإن إصدار مذكرة الاعتقال هذه سيؤدي إلى زيادة الضغط السياسي على القذافي ليغادر طرابلس. كما أنه يزيد الآمال في أن نظامه، الذي بدأت تظهر عليه بوادر التآكل، سينهار بشكل كامل.
وعلى ما يبدو، فإن المتظاهرين يعدون للمعركة الحاسمة للظفر بطرابلس. وبإصدار مذكرة الاعتقال عن محكمة لاهاي تضيق الدائرة على القذافي، وتصبح طرق الهروب محدودة جداً بالنسبة له. إذ سيصبح محدوداً جداً عدد الدول، التي يمكن أن تستضيفه، والتي يمكن أن يكون فيها في مأمن من الملاحقة الجنائية الدولية. فأوغندا، على سبيل المثال، والتي يرتبط القذافي بعلاقات طيبة معها وتحتوي على العديد من ممتلكاته، يُستبعد أن تكون دولة المنفى للقذافي، لأن هذا البلد يتعاون بشكل وثيق مع المحكمة الجنائية الدولية. لكن الأمر يبدو مختلفاً بالنسبة إلى السودان، البلد الجار لليبيا، والذي قام القذافي بتجنيد العديد من المقاتلين المرتزقة منه. ففي السودان يمكن للقذافي أن يقيم، دون أن تتأثر مدة إقامته بقرار الاعتقال.
وحيثما توجه القذافي والمقربون منه، فإن على دول التحالف العسكري الدولي أن تحترس من أن يحصل القذافي على وسيلة للهروب إلى بلد يحتمي فيه من إجراءات المحكمة الجنائية الدولية. لأن حصول مثل هذا الأمر يمكن أن يؤدي، على كل حال، إلى تهديد مصداقية الغرب المهزوزة أصلاً.
إن مثول القذافي أمام محكمة لاهاي سيكون أفضل ما يمكن تحقيقه لليبيا ما بعد الثورة، لأنه يمكن أن يجنب البلاد حرباً أهلية وإعدامات من غير محاكمة. فمعالجة جرائمه والتخلص منها بطريقة قانونية، حتى ولو كان ذلك في الخارج، سيكون مثمراً جداً للبلاد ولتطورها الديمقراطي، أكثر من محاكمة صورية ذات طابع سياسي. وفي لاهاي سيمثل القذافي أمام المحكمة الجنائية الدولية لانتهاكه حقوق الإنسان، مما يؤدي إلى الوصول لمحاسبته وفقاً لقواعد دولة القانون. فبدلاً من الانتقام يمكن لقواعد القانون الدولي ولعمليات التحري الجادة أن تصل إلى عقوبة عادلة. وهذا ما سيجعل من ليبيا، التي ستتحرر في يوم ما، عبرة للجميع، وسيكون إشارة موجهة لجميع الطغاة المستبدين في العالم.
دانييل شيشكفيتس
مراجعة: عماد غانم